no2a_love
المساهمات : 144 تاريخ التسجيل : 22/03/2010 العمر : 31
| موضوع: تفسير سورة الانسان الجزء الاول السبت أبريل 03, 2010 2:23 pm | |
| هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا
سورة الإنسان : قد تقدم في صحيح مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة " الم تنزيل" السجدة و " هل أتى على الإنسان " وقال عبد الله بن وهب أخبرنا ابن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه السورة " هل أتى على الإنسان حين من الدهر " وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرج نفس صاحبكم - أو قال أخيكم - الشوق إلى الجنة " مرسل غريب يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئا يذكر لحقارته وضعفه فقال تعالى" هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا .
إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا
" أمشاج " أي أخلاط والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض قال ابن عباس في قوله تعالى " من نطفة أمشاج " يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور وحال إلى حال ولون إلى لون وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن والربيع بن أنس الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة وقوله تعالى " نبتليه " أي نختبره كقوله جل جلاله " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " " فجعلناه سميعا بصيرا " أي جعلنا له سمعا وبصرا يتمكن بهما من الطاعة والمعصية .
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا
أي بيناه له ووضحناه وبصرناه به كقوله جل وعلا " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " وكقوله جل وعلا " وهديناه النجدين" أي بينا له طريق الخير وطريق الشر وهذا قول عكرمة وعطية وابن زيد ومجاهد في المشهور عنه والجمهور وروي عن مجاهد وأبي صالح والضحاك والسدي أنهم قالوا في قوله تعالى " إنا هديناه السبيل" يعني خروجه من الرحم وهذا قول غريب والصحيح المشهور الأول وقوله تعالى " إما شاكرا وإما كفورا " منصوب على الحال من الهاء في قوله " إنا هديناه السبيل " تقديره فهو في ذلك إما شقي وإما سعيد كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" كل الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها" وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن ابن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة " أعاذك الله من إمارة السفهاء" قال وما إمارة السفهاء ؟ قال " أمراء يكونون من بعدي لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي يا كعب بن عجرة : الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصلاة قربات - أو قال برهان - يا كعب بن عجرة : إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به يا كعب : الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها " ورواه عن عفان بن وهيب عن عبد الله بن خثيم به وقد تقدم في سورة الروم عند قوله جل جلاله " فطرة الله التي فطر الناس عليها" من رواية جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا " وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من خارج يخرج إلا ببابه رايتان : راية بيد ملك وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحب الله اتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته "
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا
يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه به من السلاسل والأغلال والسعير وهو اللهب والحريق في نار جهنم كما قال تعالى " إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون" ولما ذكر ما أعده لهؤلاء الأشقياء من السعير .
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا
وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة قال الحسن برد الكافور في طيب الزنجبيل .
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا
أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفا بلا مزج ويروون بها ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حتى عداه بالباء ونصب عينا على التمييز قال بعضهم هذا الشراب في طيبه كالكافور وقال بعضهم هو من عين كافور وقال بعضهم يجوز أن يكون منصوبا بيشرب حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير . وقوله تعالى " يفجرونها تفجيرا " أي يتصرفون فيها حيث شاءوا وأين شاءوا من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا" وقال " وفجرنا خلالهما نهرا " . وقال مجاهد " يفجرونها تفجيرا " يقودونها حيث شاءوا وكذا قال عكرمة وقتادة وقال الثوري يصرفونها حيث شاءوا .
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا
أي يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر قال الإمام مالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن مالك عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " رواه البخاري من حديث مالك .ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد وهو اليوم الذي شره مستطير أي منتشر عام على الناس إلا من رحم الله قال ابن عباس فاشيا وقال قتادة استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض قال ابن جرير : ومنه قولهم استطار الصدع في الزجاجة واستطال ومنه قول الأعشى : فبانت وقد أسأت في الفؤا د صدعا على نأيها مستطيرا يعني ممتدا فاشيا
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا
" على حبه " قيل على حب الله تعالى وجعلوا الضمير عائدا إلى الله عز وجل لدلالة السياق عليه والأظهر أن الضمير عائد على الطعام أي ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له قاله مجاهد ومقاتل واختاره ابن جرير كقوله تعالى " وآتى المال على حبه " وكقوله تعالى " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " . وروى البيهقي من طريق الأعمش عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنبا أول ما جاء العنب فأرسلت صفية يعني امرأته فاشترت عنقودا بدرهم فاتبع الرسول سائل فلما دخل به قال السائل : السائل فقال ابن عمر : أعطوه إياه فأعطوه إياه فأرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودا فاتبع الرسول السائل فلما دخل قال السائل : السائل فقال ابن عمر : أعطوه إياه فأعطوه إياه فأرسلت صفية إلى السائل فقال والله إن عدت لا تصيب منه خيرا أبدا ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به . وفي الصحيح " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر" أي في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ولهذا قال تعالى " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما وأما الأسير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك : الأسير من أهل القبلة وقال ابن عباس كان أسراؤهم يومئذ مشركين ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء وقال عكرمة هم العبيد واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث حتى إنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول " الصلاة وما ملكت أيمانكم" قال مجاهد هو المحبوس أي يطعمون الطعام لهؤلاء وهم يشتهونه ويحبونه .
إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا
" إنما نطعمكم لوجه الله " أي رجاء ثواب الله ورضاه " لا نريد منكم جزاء ولا شكورا" أي لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها ولا أن تشكرونا عند الناس قال مجاهد وسعيد بن جبير أما والله ما قالوه بألسنتهم ولكن علم الله به من قلوبهم فأثنى عليهم به ليرغب في ذلك راغب .
إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا
أي إنما نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس عبوسا ضيقا قمطريرا طويلا وقال عكرمة وغيره عنه في قوله " يوما عبوسا قمطريرا" قال يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران وقال مجاهد " عبوسا " العابس الشفتين" قمطريرا " قال يقبض الوجه بالبسور وقال سعيد بن جبير وقتادة تعبس فيه الوجوه من الهول قمطريرا تقليص الجبين وما بين العينين من الهول وقال ابن زيد العبوس الشر والقمطرير الشديد وأوضح العبارات وأجلاها وأحلاها وأعلاها وأولاها قول ابن عباس رضي الله عنه . قال ابن جرير والقمطرير هو الشديد يقال هو يوم قمطرير ويوم قماطر ويوم عصيب وعصبصب وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطرارا وذلك أشد الأيام وأطولها في البلاء والشدة ومنه قول بعضهم : بني عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذا ما كان يوم قماطر .
[/center]
| |
|